المشاركات الشائعة

الثلاثاء، 10 نوفمبر 2009

مقومات الشخصية الشيشانية

يقول الكاتب الروسي الشهير (سولجنستين) والذي عاصر ما فعله "ستالين" بالشيشان في معسكرات الإبعاد الجماعي، والسجون في وسط أسيا: "إن شيشانيًا واحدًا لم نره يخضع للحكم الروسي، بل إن الشيشان دائمًا ما كانوا يُظهرون وبشجاعة عداءهم للروس".
ولأنهم شجعان فقد اختاروا "الذئب" رمزًا لهم، وهم يرون أن الذئب وإن لم يكن الأقوى إلا أنه الأنبل فهو لا يُقاتل إلا الأقوياء، وهو ليس مثل الأسد أو النمر الذي يفترس الضعفاء. كذلك في الثقافة الشيشانية إذا أرادوا وصف أحدهم بالشجاعة فإنهم يطلقون عليه اسم "الذئب" ويقولون للفتى إذا أظهر شجاعة "لقد تربّى في أحضان الذئاب".
فالشجاعة أحد مقومات هذه الشخصية الفريدة التي قد تُهزم ولكنها لا تستسلم أبدا .. والشيشان عُرفوا بأنهم مقاتلون أشداء أقوياء؛ ومع ذلك فشجاعتهم مقرونة بنبل أخلاقهم حتى في الحروب! ولقد شهد الأسرى الروس في حرب 1994 -1996 بذلك ويكفى أن الشيشان استدعوا ذوى الأسرى من الروس ومن العملاء لكي يسلموهم أبناءهم.
وكما عُرف عن الشيشان صلابة البأس في القتال، والقتال حتى الرمق الأخير وهم رفعوا هذا الشعار في حرب 1994 وفى الحرب الراهنة، والشيشاني يفضل الموت على الحياة، ففي حرب 1994 حاصر الروس إحدى القرى وأشعلوا النيران ببيوتها، وضيقوا الخناق على مجموعة من المقاتلين … وبينما المكان يشتعل نارًا ويستحيل إلى دخان أسود كثيف خرج مقاتل شيشاني متفحم يرفع منديلاً أبيض؛ فلما اقترب من الجندي الروسي قال له وهو يلفظ الرمق الأخير: "إن كان لي رجاء قبل الموت فهو أن تبلغ أهلي أننا متنا شجعانا ولم نستسلم .. ثم مات" (سانت لويس ديسباتش 29 يناير 19?95).
يصفهم المؤرخ الروسى أ . أ . كاسباريا فى دراسة له بعنوان "الموقف التاريخي والحالي في القوقاز عام 1904": "شعب الشيشان هم أكثر شعوب البلقان تمردًا ورفضًا للروس"، ويصف الشخصية الشيشانية قائلاً: "وجوههم معبرة .. وخصوصًا عيونهم .. شعب يتميز بالوسامة من الناحية الجسدية .. فهم طوال نحاف وهم أشبه بالفرنسيين .. حادو المزاج .. روحهم مرحة سريعو الانفعال".
ويصفهم آخر هو " اوسمانوف" قائلاً: "الضيف عندهم مقدس .. من لم ينزل بجبالهم ضيفًا فلم يعرف كرمهم وإن سمع عنه .. يحترمون الصداقة .. ويحترمون المرأة، العطف.. والشرف.. والحب بإخلاص من أهم مميزاتهم، عادة ما يكتمون أحزانهم وأفراحهم ولا يعبرون عن أسفهم بسهولة ..".
ولو راجعنا النشيد السابق لوجدناه مليئًا بألفاظ ومفردات توحي بهذ المعاني، فكلمة الله والوطن والتراب، والموت والحرية والنذر وتلبية النداء كلها تنم عن النبل والشجاعة والتمسك بالأرض وعشق الحرية.
والحرية لدى الشيشان مقدسة وعزيزة، وهم يستخدمونها في محادثاتهم اليومية مع بعضهم البعض فمثلاً يقول بعضهم لضيفه مرحبًا: "إذا دخلت هذا البيت تمتع بالحرية والسلام والعطف". وكلما مر أحدهم بالآخر يقول: "صحبتك الحرية"، وفى حالة تمنى الصحة فإنه يقول: "ليمنحك الله الحرية" … والأرض والتراب مقدس تقديس الدين؛ حتى أنهم ليرمون بالكفر من يخون بلاده ولا يحافظ على ترابها.
لذا نراهم يرددون في النشيد:
تنصهر أحجار الجرانيت وتستحيل رصاصًا
قبل أن نفقد نبلنا والكفاح
تتصدع الأرض وتذوب في الشمس الحارقة
قبل أن نظهر للعالم بدون شرفنا
لن نخضع لأحد أبدا
تاريخ وجغرافيا الشيشان
تقع الشيشان في منطقة جبال القوقاز التي تمتد بطول 60 ميلاً ما بين البحر الأسود غربًا وبحر قزوين شرقًا .. وتشكل هذه الجبال سلسلة متواصلة ومتوازية يزداد ارتفاعها تدريجيًا كلما اتجهنا نحو الجنوب، لتصل أعلاها عند قمة "مونت البورس"؛ وارتفاعها 18481 قدمًا وهى تقع في الشمال الغربي، بينما تقع قمة "مونت قزيك" والتي يصل ارتفاعها إلى 16558 قدمًا والتي تحيط بكل من الشيشان وأنجوشيا.
والشيشان الدولة تقع في الجنوب إلى موسكو بحوالي 1000 ميل، ويحدها كل من داغستان وجورجيا وجنوب أوسيتا من الجنوب وداغستان وروسيا شمالا، وأوسيتا الشمالية وأنجوشيا غربًا. ويبلغ عدد السكان في الشيشان 1.5 مليون نسمة والأنجوش ربع مليون نسمة، والشيشانيون مسلمون سُنَّة يتبع أغلبيتهم المذهب الشافعي. عرفوا الإسلام قبل ألف عام عن طريق التجار العرب. وهم يتميزون باحترامهم الشديد لرموزهم الدينية ويغلب على معظمهم النزعة الصوفية التي كانت السبب الحقيقي في المقاومة التي امتدت في عصر إيفان الرهيب أول قياصرة روسيا.
وشعب الشيشان من الشعوب القديمة في العالم والمنطقة وهو جزء من مملكة سيرير 600- 1100 ميلاد كما كان جزءًا من مملكة آلانيا في القرن الثامن إلى العاشر الميلادي ومملكة سمسم في القرن الثاني عشر إلى الرابع عشر، وحتى اللغة الشيشانية المعروفة باسم " ناغ NAGH " هي لغة قديمة من العصر الحجري ولا تنتمي إلى أصول اللغات الأوربية والهندية التي منها خرجت اللاتينية ولغات شعوب أوربا ، ولا يتحدث الشيشانية سوى أهلها فقط.
ويتألف الشعب الشيشاني منذ القدم من مجموعة من العشائر ذات الصلة والرحم وذات الخصال المشتركة ويبلغ عدد تلك العشائر 150 عشيرة، وقد كانت العشائر قديمًا تقوم على الأسس العرقية والقرابة، وتنقسم العشائر الشيشانية إلى قسمين؛ "الخالص": وهى العشائر الأصيلة في المنطقة والتي قدمت قديما من الجنوب وتوجهت نحو الشمال وانتشرت في اتجاه البحر الأسود وأرض الشيشان ، و"المختلط": وهى تلك العشائر التي تشكلت من اختلاط عشائر بعضها ببعض أو نتيجة اختلاط الشيشان بالبولنديين والأوكرانيين في معسكرات الإبعاد الجماعية (1944-1957 ) وحتى بعض العشائر الشيشانية اختلطت بالألمان وشكلت عشيرة جديدة، ويعود تمسك الشيشان بالأخلاق والعادات القومية إلى تلك العشائر التي سعت إلى غرس هذه العادات والتقاليد الصعبة في نفوس منتسبيها، لذا فإنهم يقولون: "من الصعب أن تكون رجلاً شيشانيًا" لما في ذلك من أعباء يجب على الرجال تحملها.
وفى محاولة الروس لطمس تاريخ الشيشان قاموا في حرب القوقاز الأولى بإلقاء كل المخطوطات في بحيرة ( كازن - آم ) وهنا برز دور العشائر إذ أمر القائد "شامل" كل كبار رجالات العشائر بإعادة كتابة التاريخ وما حدث حتى يُورَّث للأجيال .. وحاول الروس مرة أخرى إبان حملة الإبعاد في عام 1944 لكن الشيشان أنقذوا مخطوطاتهم بأعجوبة.
وقد وجدت الكتابات الشيشانية في مراجع الكتابات المسمارية التي كان يستخدمها الآشوريون، ولقد بدأ الفلكلور الشيشاني مع بداية الألفية الأولى قبل ميلاد السيد المسيح عليه وعلى الأنبياء السلام، فيما عرف بمملكة أوراتو الشرقية ( 600 -900 قبل الميلاد ) وعرفت هذه المملكة لاحقا باسم" زورزوكيتا".
كما أن النشيد الوطنى الشيشانى والذى يمتد بامتداد وجود الشعب الشيشاني في المنطقة لهو شاهد حي على عراقة هذا الشعب، وكلما زادت الأزمات أو جاء المعتدون كلما أيقظ النشيد الوطني روح الحماسة في قلوب الشيشان
المصادر

هناك 3 تعليقات:

  1. أخي هيثم

    يحق لك الفخر
    فأهل الشيشان يعرفون عبر التاريخ ببسالتهم

    وأصلاتهم

    تحيتي

    ردحذف
  2. عبدالله باشا (و الكلام ينسحب على هيثم باشا أيضاً)، يحق لكم الفخر بهذا، و إن شاء الله نرى دولتكم حرة مستقلة يديرها أبناؤها لمصلحة الشعب الشيشاني في كل مكان.

    ردحذف